للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول في موضع آخر: فإذا كان الرجل قد سب الصحابة وتاب، فإنه يحسن إليهم بالدعاء لهم، والثناء عليهم بقدر ما أساء إليهم، والحسنات يذهبن السيئات، كما أن الكافر الذي كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: إنه كذاب، إذا تاب وشهد أن محمدا ًرسول الله الصادق المصدوق وصار يحبه ويثني عليه ويصلي عليه كانت حسناته ماحية لسيئاته، والله تعالى [يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ] (١).

قلت: فهذه دعوة صادقة من قلب مشفق، محب للخير أن يسود الغير، دعوة للتوبة الصادقة، لكل من يقع في أعراض الصحابة رضي الله عنهم، أقول: إن كان الوقوع في أعراض المسلمين عموماً، والطعن واللمز فيهم محرم وكبيرة وجريمة فإنّها في حق أكرم الخلق وأفضلهم بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أبشع وأشنع، ولو لم يكن في الوقوع في أعراضهم إلا غيبة أو بُهتان، والله تعالى نهي عنهما، وزجر الواقع فيهما، لوجب اجتنابه والبعد عنه، كيف وهو يهدف لإسقاط سلاسل السند الذهبية، التي نقلت الشريعة المطهرة، والقدح في عدالتهم وديانتهم.

فباب التوبة مفتوح: والله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربِها، فأولى الناس برعاية حقوقهم هم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ولهذا اتفق أهل السنة والجماعة على رعاية حقوق الصحابة والقرابة، وتبرؤوا من الناصبة الذي يكفرون علي بن أبي


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٣/ ٢٩١

<<  <   >  >>