للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواتها غير ثقات، فإن أحب بعض العلماء تأويلها قطعاً للشغب ترك ورأيه، وإن رواها الثقات تأولت على الوجه اللائق بهم إذا أمكن التأويل، ولا يقع في روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله، ولا بدّ أن نتأول قول معاوية حينما قال لسعد كما في صحيح مسلم (ما منعك أن تسب أبا تراب) فنقول: ليس فيه تصريح بأنه أمره بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، وقد يسأل عن مثل هذا السؤال من يستجيز سب المسؤول عنه، ويسأل عنه من لا يستجيزه، وقد يكون معاوية رأى سعداً بين قوم يسبونه ولا يمكن الإنكار عليهم فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب، لتستخرج منه مثل ما استخرج مما حكاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون له حجة على من يسب، حتى ينضاف إليه من غوغاء عنده فيحصل على المراد على لسان غيره من الصحابة، ولو لم نسلك هذا المسلك وحملنا عليه أنه قصد ضد هذا مما تثيره الموجدة، ويقع في حين الحنق، لأمكن أن يريد السب الذي هو بمعنى التفنيد للمذهب والرأي، وقد يسمى ذلك في العرف سباً، وقال: فمن الممكن أن يريد معاوية من سعد بقوله (ما منعك أن تسب أبا تراب) أي تظهر للناس خطأه في رأيه، وأن رأينا وما نحن عليه أسد وأصوب، هذا مما لا يمكن أحد أن يمنع من احتمال قوله له، وقد ذكرنا ما يمكن أن يحمل عليه قوله ورأيه فيه جميل أو غير جميل في هذين الجوابين بمثل هذا المعنى ينبغي أن يسلك فيما وقع من أمثال هذا (١)


(١) المازري: المعلم بفوائد مسلم: ٣/ ١٤١

<<  <   >  >>