للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عمه وأنا أطلب بدمه وأمره إلي؟ فقولوا له: فليسلم إليّ قتلة عثمان وأن أسلم له أمره، فأتوا علياً فكلموه في ذلك، فلم يدفع إليهم أحداً، فعند ذلك صمم أهل الشام على القتال مع معاوية (١) ولذا قال رجل لأبي زرعة الرازي: إني أبغض معاوية، فقال له: ولم؟ قال: لأنه قاتل علياً، فقال أبو زرعة: ويحك إن رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فإيش دخولك أنت بينهما؟ رضي الله عنهما.

فقد رأى عمر بن عبد العزيز رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأبو بكر وعمر جالسان عنده: قال: فسلمت عليه وجلست، فبينما أنا جالس إذ أتى بعلي ومعاوية، فأدخلا بيتاً وأجيف الباب وأنا أنظر، فما كان بأسرع من أن خرج علي وهو يقول: قضى لي ورب الكعبة، ثم ما كان بأسرع من أخرج معاوية وهو يقول: غفر لي ورب الكعبة.

ولذا لما سئل الإمام أحمد عما جرى بين علي ومعاوية قرأ {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} البقرة ١٣٤. قال ابن كثير: وكذا قال غير واحد من السلف.

ولما جاء خبر قتل علي رضي الله عنه إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم (٢).


(١) ابن كثير: البداية والنهاية: ٨/ ١٢٣
(٢) ابن كثير: البداية والنهاية: ٨/ ١٤٢ - ١٢٥

<<  <   >  >>