للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم غرس الودي ولا صفق الأسواق، وإنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلة يطعمنيها أو كلمة يعلمنيها، قال ابن عمر: كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثه (١).

ولقد شغب كثير من المتأخرين على الصحابي الجليل - أبي هريرة رضي الله عنه - وذموه واتهموه؛ لأنه من حملة الحديث وحفاظه، بل هو أعظمهم.

فقد كان رضي الله عنه يجلس إلى حجرة عائشة فيحدث، ثم يقول: يا صاحبة الحجرة أتنكرين شيئاً مما أقول؟ فلما قضت صلاتها لم تنكر ما رواه لكن قالت: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد الحديث سردكم.

وكذلك قيل لابن عمر: هل تنكر بما يحدث به أبو هريرة شيئاً؟ فقال: لا، ولكنه اجترأ وجبنا، فقال أبو هريرة: فما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا (٢).

ولما قال يزيد بن هارون: سمعت الشعبي يقول: كان أبو هريرة يدلس، قال الإمام الذهبي: تدليس الصحابة كثير، ولا عيب فيه، فإن تدليسهم عن صاحب أكبر منهم، والصحابة كلهم عدول (٣).

وقال العلامة محمد أبو شهبة: إن الكثرة الكاثرة من العلماء على خلاف هذا، وأن أبا هريرة بريء من وصمة التدليس بجميع أنواعه، وإنما قال هذا فئة قليلة جداً منهم: شعبة، والذين ذهبوا إلى هذا لم يريدوا


(١) ابن حجر: فتح الباري: ٣/ ٢٣٣
(٢) الذهبي: سير أعلام النبلاء: ٣/ ٢٥٢
(٣) الذهبي: سير أعلام النبلاء: ٣/ ٢٥٢

<<  <   >  >>