وأهان بذلك من قتله، أو أعان من قتله أو رضي بقتله، وله أسوة حسنة ممن سبقه من الشهداء، فإنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، وكانا قد تربيا في عز الإسلام، لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر على الأذى في الله ما نال أهل بيته؛ فأكرمهما الله تعالى بالشهادة؛ تكميلاً لكرامتهما، ورفعاً لدرجتهما. وقتله مصيبة عظيمة، والله سبحانه قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى [وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ] البقرة ٥٥ - ٥٧.
ثم قال: ومن أحسن ما يذكر هنا: أنّه قد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت، فيحدث عندها استرجاعاً، كتب الله له مثلها يوم أصيب. هذا حديث رواه عن الحسين ابنته فاطمة التي شهدت مصرعه.
وقد علم أن المصيبة بالحسين تذكر مع تقادم العهد، فكان من محاسن الإسلام أن بلغ هو هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنّه كلما ذكرت هذه المصيبة يسترجع لها، فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أصيب بها المسلمون.
وأما من فعل مع تقادم العهد بها، ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حدثان العهد بالمصيبة فعقوبته أشد مثل لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء