وأما أنهم رأس الجماعة وهرمها فالله تعالى شهد لهم بذلك فقال:[وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً] آل عمران ١٠٣، وقال سبحانه:[هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] الأنفال ٦٣.
الثاني / على وجه الخصوص، حيث أُثر عن الإمام عطاء قوله: تبيض وجوه المهاجرين والأنصار، وتسودّ وجوه بني قريظة والنضير.
فأي شرف أعظم من هذا الشرف:[وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]،أي: في دار كرامته وجنته خالدون باقون (١).
٤) أن الله تبارك وتعالى شهد لهم بالإيمان في مثل ضربه جل في علاه فقال:[وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ] آل عمران ١٠٣
وذكر أهل التفسير أن هذه الآيات نزلت في شأن الأوس الخزرج، فإنه قد كان بينهم حروب كثيرة في الجاهلية، وعداوة شديدة وضغائن وإحن طال بسببها قتالهم والوقائع بينهم، فلما جاء الإسلام فدخل فيه من
(١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ٤/ ١٦٥، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ١/ ٣٩٨، أبو حيان: البحر المحيط: ٣/ ٢٩٦