الْغَالِبُونَ] الصافات ١٧٣، فجند الله هم الغالبون بالحجة واللسان، كما أنهم الغالبون بالسيف والسنان، وإنما الخوف على الموحد الذي بسلك الطريق وليس معه سلاح. وقد منّ الله تعالى علينا بكتابه الذي جعله
[تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ] النحل ٨٩، فلا يأتي صاحب باطل بحجه إلا وفي القرآن ما ينقضها ويُبيّن بطلانها، كما قال تعالى [وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً] الفرقان ٣٣، قال بعض المفسرين هذه الآية عامة في كل حجة يأتي بها أهل الباطل إلى يوم القيامة.
ثم قال: جواب أهل الباطل من طريقين: مجمل ومفصل، أما المجمل فهو الأمر العظيم، والفائدة الكبيرة لمن عقلها، وذلك قوله تعالى [هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ] وقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا رأيتهم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فا حذروهم).
ثم قال: مثال ذلك: إذا قال لك بعض المشركين [أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ] يونس ٦٣. أو إن الشفاعة حق، أو أن الأنبياء لهم جاه عند الله، أو ذكر كلاماً للنبي صلى الله عليه وسلم يستدل به على شيء من باطله، وأنت لا تفهم معنى الكلام الذي ذكره، فجاوبه بقولك: إن الله ذكر أن الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه، وما ذكرته لك