للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرطبي: وكون الصفات في جملة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو الأشبه (١).

فقال سبحانه وتعالى [أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ]: أي غلاظ عليهم،

[رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ]: أي يرحم بعضهم بعضاً، فهم متوادون متعاطفون كالجسد الواحد، وهذا فيما يتعلق في معاملتهم مع الخلق.

وفيما يتعلق في معاملتهم مع الخالق سبحانه وتعالى، يقول عنهم:

[تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً] فوصفهم بكثرة العمل وكثرة الصلاة، والحامل لهم على ذلك طلب الرضوان والاحتساب عند الله تعالى، فقال سبحانه

[يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً] فوصفهم بالإخلاص في الأعمال لله تعالى، فكان مقصودهم بلوغ رضا الله تعالى والوصول إلى ثوابه.

وقال سبحانه في وصفهم [سيماهم في وجوههم من أثر السجود]: فُسر بالخشوع وبالسمت الحسن. وقيل: تظهر علامتهم في جباههم من أثر السجود في الصلاة، وكثرة التعبد بالليل والنهار. وقيل: نور وبياض في وجوههم يوم القيامة من كثرة صلاتِهم وسجودهم (٢). فتلك الأوصاف الجليلة، والأعمال العظيمة هي مثلهم في التوراة.

وقال سبحانه وتعالى: [وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ] أي لهم وصف آخر، وذلك أنّهم في تعاونِهم وكمالهم: [كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ] أي فراخه، وقيل:


(١) القرطبي: مرجع سابق: ١٦/ ٢٤٨
(٢) مراجع سابقة، البغوي: الحسين: الإمام: شرح السنة: (دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٢/ ١٤٢٤هـ، (٧/ ١٧١)

<<  <   >  >>