للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل يُعفى عن السُّترة في مكة، ولا يُعفى عن غيرها، فروى ابن جرير، «عن عطاء، عن أبي جعفر قال: مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت، فدفعها. قال أبو جعفر: إنها بَكَّةٌ، يبكّ بعضُها بعضًا» (١).

وبقي الأمر على هذا قروناً طويلة، قال ابن جبير في رحلته (٢) (٥٧٨هـ): «وموضع الطواف مفروش بحجارة مبسوطة كأنه الرخام حسناً، منها سود، وسمر، وبيض قد ألصق بعضها ببعض، واتسعت عن البيت بمقدار تسع خطاً إلا في الجهة التي تقابل المقام، فإنها امتدت إليه حتى أحاطت به، وسائر الحرم مع البلاطات كلها مفروش برمل أبيض، وطواف النساء في آخر الحجارة المفروشة».

الوجه الثالث: أن عمل نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - على الطواف من وراء الرجال، فعن ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ. قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الرِّجَالِ!. قُلْتُ: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟. قَالَ: إِي لَعَمْرِي لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ!. قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها - تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ» (٣).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: «قَوله: (وقَد طافَ نِساء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ


(١) تفسير ابن جرير، ٦/ ٢٤.
(٢) رحلة ابن جبير، ص ٢٢.
(٣) البخاري، برقم ١٥٣٩، تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>