والجواب عن هذه الشبهة أن يُقال:«ليس هناك تطور يعرض للاجتماع نفسه، وإنما تطور الاجتماع أثر أفكار وأذواق وميول نفسية، ورقي هذا التطور أو انحطاطه يرجع إلى حال تلك الأفكار والأذواق والميول، فإن غلب على الناس جودة الفكر وسلامة الذوق وطهارة ميولهم النفسية، كان التطور الاجتماعي راقياً، وهذا هو الذي لا تنبغي معارضته، ويصحّ أن يقال فيه: إنه تطور لا غالب له، أما إذا غلب على الناس انحراف الأفكار في تصور الشؤون الاجتماعية، أو تغلبت أهواؤهم على عقولهم، كان التطور الاجتماعي في انحطاط، وهذا هو الذي تجب معارضته، وأقل دعوة تقوم لإصلاحه يمكنها أن تقوّم عوجه، وترد جماحه، وإذا كان اختلاط الجنسين من قبيل التطور الاجتماعي، فهو من نوع ما ينشأ عن تغلب الأهواء، وتقليد الغربيين في غير مصلحة، فيتعين على دعاة الإصلاح أن يجهروا بإنكاره، ويعملوا على تنقية المجتمع من أقذائه، ومتى قويت عزائمهم، وجاهدوه من طرقه الحكيمة أماطوا أذاه، وغلبوا على أمره»(١).
الشبهة الثانية والثلاثون: الاستدلال بظواهر بعض النصوص الشرعية على جواز اختلاط الرجال بالنساء، كخروج النساء مع النبي - صلى الله عليه وسلم - للجهاد.
والجواب عن هذا أن يقال: «أنه قد يتعلق بعض دعاة الاختلاط
(١) محاضرات إسلامية، الشيخ محمد الخضر حسين، ص ١٩٧.