للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّه - صلى الله عليه وسلم - (١).

اللَّه أكبر! ما أعظم هذا الخلق! وما أكبر أثره في النفس! أعرابي يريد قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يعصمه اللَّه منه، ويمكِّنه من القدرة على قتله، ثم يعفو عنه! إن هذا لخُلُقٌ عظيم، وصدق اللَّه العظيم إذ يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (٢)، وهذا الخلق العظيم قد أثَّر في حياة الرجل، وأسلم بعد ذلك، فاهتدى به خلق كثير (٣).

[المثال الخامس: مع زيد الحبر:]

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعفو عند القدرة، ويحلم عند الغضب، ويحسن إلى المسيء، وقد كانت هذه الأخلاق العالية من أعظم الأسباب في إجابة دعوته والإيمان به، واجتماع القلوب عليه، ومن ذلك ما فعله مع زيد بن سعنة، أحد أحبار اليهود وعلمائهم الكبار (٤).

جاء زيد بن سعنة إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يطلبه ديناً له، فأخذ بمجامع قميصه وردائه وجذبه، وأغلظ له القول، ونظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجهٍ غليظٍ وقال: يا محمد، ألا تقضيني حقي، إنكم يا بني عبد المطلب


(١) البخاري، كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، برقم ٢٩١٠، وكتاب المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع، برقم ٤١٣٦، ومسلم، واللفظ له، كتاب الفضائل، باب: توكله على الله - تعالى -، وعصمة الله - تعالى - له من الناس، برقم ٨٤٣، وأحمد، ٣/ ٣١١، ٣٦٤.
وانظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها للميداني، فقد ذكر رواية مطولة عزاها لأبي بكر الإسماعيلي في صحيحه، ٢/ ٣٣٥.
(٢) سورة القلم، الآية: ٤.
(٣) انظر: فتح الباري، ٧/ ٤٢٨، وشرح النووي على مسلم، ١٥/ ٤٤، وذكر ابن حجر والنووي في هذا الموضع أن اسم الأعرابي: غورث بن الحارث.
(٤) انظر: هذا الحبيب يا محب، ص٥٢٨، وهداية المرشدين، ص٣٨٤.

<<  <   >  >>