إذا سلك المسلم مسلك السياسة الحكيمة في دعوته إلى اللَّه تعالى، فسيكون لذلك عظيم الأثر في نجاح دعوته، والوصول إلى الغاية المطلوبة بإذن اللَّه تعالى.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو أُسوتنا وقدوتنا، وإمام الدعاة إلى اللَّه، وقد سلك هذا المسلك، فنفع اللَّه به العباد، وأنقذهم به من الشرك إلى التوحيد، وكان لسياسته الحكيمة عظيم النفع والأثر في نجاح دعوته، وإنشاء دولته، وقوة سلطانه، ورفعة مقامه، ولم يُعرَف في تاريخ السياسات البشرية أن رجلاً من الساسة المصلحين في أيِّ أمةٍ من الأمم كان له مثل هذا الأثر العظيم، ومَن مِن المصلحين المبرِّزين - سواء كان قائداً مُحنَّكاً، أو مربِّياً حكيماً - اجتمع لديه من رجاحة العقل، وأصالة الرأي، وقوة العزم، وصدق الفراسة، ما اجتمع في رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -؟ ولقد برهن على وجود ذلك فيه: صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحسن تأليفه، ومكارم أخلاقه، - صلى الله عليه وسلم - (١).
فإذا قام الداعية بسلوك هذا المسلك بإخلاص، وصدق، وعزيمة، اكتسب من الحكمة في الدعوة إلى اللَّه مكتسباً عظيماً.
وطرق السياسة الحكيمة في الدعوة إلى اللَّه - عز وجل - كثيرة، منها الطرق الآتية:
الطريق الأول: تحري أوقات الفراغ، والنشاط، والحاجة عند المدعوين حتى لا يملُّوا عن الاستماع ويفوتهم من الإرشاد والتعليم
(١) انظر: هداية المرشدين، للشيخ علي محفوظ، ص٢٤، و٣١.