للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السابع عشر: إنزال الناس منازلهم ومراتبهم]

المسلم الفطن الحكيم هو الذي يدرس الواقع، وأحوال الناس، ومعتقداتهم، ويُنزل الناس منازلهم، ثم يدعوهم على قدر عقولهم، وأفهامهم، وطبائعهم، وأخلاقهم، ومستواهم العلمي والاجتماعي، والوسائل التي يؤتون من جهتها؛ ولهذا قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ((حَدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبّون أن يُكذَّب اللَّه ورسوله)) (١).

وذُكِرَ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((أمرنا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أن نُنْزِلَ الناس منازلهم)) (٢).

وقال عبد اللَّه بن مسعود - رضي الله عنه -: ((ما أنت بمحدِّثٍ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)) (٣).

وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك للدعاة إلى اللَّه - عز وجل -، فقال لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - حينما بعثه إلى اليمن - داعياً ومعلماً وقاضياً -: ((إنك تأتي قوماً أهل كتاب ... )) الحديث (٤).

فبين - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ عقيدة القوم الذين سوف يقدم عليهم حتى يعرف حالهم، ويستعدّ لهم، ويقدّم لهم ما يناسبهم، وما يُصلح أحوالهم.


(١) البخاري، كتاب العلم، باب من خص قوماً بالعلم دون قوم كراهية أن لا يفهموا، برقم ١٥٧.
(٢) مسلم، في المقدمة،١/ ٦، وسنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في تنزيل الناس منزلهم، برقم ٤٨٤٤.
(٣) مسلم، في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع، ١٤.
(٤) البخاري، كتاب الزكاة، باب: لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة، برقم ١٣٩٥، واللفظ له، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله وشرائع الإسلام، برقم ١٩.

<<  <   >  >>