للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الداعية خاصة والمسلمين عامةً بحاجة إلى التثبت فيها والتبين؛ فإن ذلك يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكفّ عن شرور عظيمة ما يجعل المسلم في سلامة عن الزلل، وبذلك يُعرفُ دين العبد وعقله ورزانته (١).

ومما يزيد الآية السابقة وضوحاً ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} قال: كان رجل في غُنَيمة له فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غُنَيمته، فأنزل اللَّه في ذلك إلى قوله: {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تلك الغُنَيمة، وقرأ ابن عباس: السلام (٢).

ثالثاً: أمثلة الأ ناة والتثبت:

[المثال الأول: مع أسامة:]

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبَّحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا اللَّه، قال: فكف عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فقال لي: ((يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا اللَّه)) قال: قلت: يا رسول اللَّه، إنما كان متعوِّذاً، قال: فقال: ((أقتلته بعدما قال لا إله إلا اللَّه))، قال، فمازال يُكرّرها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل


(١) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، ٢/ ١٣٢.
(٢) البخاري، كتاب التفسير، سورة النساء، باب: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}، برقم٤٥٩١.

<<  <   >  >>