للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يصحب الداعية من أول قدم يضعه في الطريق إلى آخر قدم ينتهي إليه، فسلوكه على غير طريق، وهو مقطوع عليه طريق الوصول، ومسدود عليه سبيل الهدى والفلاح، وهذا إجماع من العارفين.

ولاشك أنه لا ينهى عن العلم إلا قُطَّاع الطريق، ونوّاب إبليس وَشُرَطه (١). وقد مدح اللَّه - عز وجل - أهل العلم وبيَّن فضلهم، وأثنى عليهم، قال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (٢)،

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات} (٣)، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٤)، وبيَّن سبحانه أن العلم نور لحامله والعامل به في الدنيا والآخرة: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (٥)، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} (٦)؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من يرد اللَّه به خيراً يفقهه في الدين)) (٧).

وقال: ((مثل ما بعثني اللَّه به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب


(١) انظر: مدارج السالكين للإمام ابن القيم، ٢/ ٤٦٤.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٩.
(٣) سورة المجادلة، الآية: ١١.
(٤) سورة فاطر، الآية: ٢٨.
(٥) سورة الأنعام، الآية: ١٢٢.
(٦) سورة الشورى، الآية: ٥٢.
(٧) البخاري، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، برقم ٧١، ومسلم، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم ١٠٣٧.

<<  <   >  >>