للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين، لأعظم تجارة، وأجلِّ مطلوب، وأعلى مرغوب، يحصل بها النجاة من العذاب الأليم، والفوز بالنعيم المقيم.

وأتى بأداة العرض الدالة على أن هذا أمر يرغب فيه كل متبصّر، ويسمو إليه كل لبيب، فكأنه قيل: ما هذه التجارة التي هذا قدرها؟ فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.

ومن المعلوم أن الإيمان التامّ هو التصديق الجازم بما أمر اللَّه بالتصديق به، المستلزم لأعمال الجوارح، ومن أجل أعمال الجوارح الجهاد في سبيل اللَّه؛ فلهذا قال: {وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} بأن تبذلوا نفوسكم ومهجكم، لمصادمة أعداء الإسلام، والقصد نصر دين اللَّه، وإعلاء كلمته، وتنفقون ما تيسّر من أموالكم في ذلك المطلوب؛ فإن ذلك، ولو كان كريهاً للنفوس، شاقاً عليها، فإنه {خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}؛ فإن فيه الخير الدنيوي، من النصر على الأعداء، والعزّ المنافي للذل والرزق الواسع، وسعة الصدر وانشراحه.

وفي الآخرة الفوز بثواب اللَّه، والنجاة من عقابه؛ ولهذا ذكر الجزاء في الآخرة، فقال: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، وهذا شامل للصغائر والكبائر؛ فإن الإيمان باللَّه والجهاد في سبيله، مكفر للذنوب، ولو كانت كبائر.

{وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} أي: من تحت مساكنها [وقصورها] وغرفها وأشجارها، أنهار من ماء غير آسن،

<<  <   >  >>