للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنهار من لبن لم يتغيّر طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفّى، ولهم فيها من كل الثمرات، {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} أي: جمعت كل طيب، من علوٍّ وارتفاعٍ، وحسن بناء وزخرفة، حتى إن أهل الغرف من أهل علِّيين، يتراءاهم أهل الجنة كما يتراءى الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي، وحتى إن بناء الجنة بعضه من لَبِنِ ذَهَبٍ، [وبعضه من] لَبِنِ فضة، وخيامها من اللؤلؤ والمرجان، وبعض المنازل من الزمرّد (١) والجواهر الملونة بأحسن الألوان، حتى إنها من صفائها يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، وفيها من الطيب والحسن ما لا يأتي عليه وصف الواصفين، ولا خطر على قلب أحد من العالمين، لا يمكن أن يدركوه حتى يروه، ويتمتعوا بحسنه، وتقرّ أعينهم به، ففي تلك الحالة، لولا أن اللَّه خلق أهل الجنة، وأنشأهم نشأة كاملة لا تقبل العدم، لأوشك أن يموتوا من الفرح، فسبحان من لا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده، وتبارك الجليل الجميل، الذي أنشأ دار النعيم، وجعل فيها من الجلال والجمال ما يبهر عقول الخلق ويأخذ بأفئدتهم.

وتعالى من له الحكمة التامة، التي من جملتها، أنه اللَّهُ لو أَرَى


(١) حجر كريم أخضر اللون شديد الخضرة شفاف، وأشده خضرة أجوده وأصفاه جوهراً، واحدته زمردة. [المعجم الوسيط، ١/ ٤٠٠].

<<  <   >  >>