وقال أبو حاتم الرازي: عمارة بن زاذان لا يحتج به. وقد روى الجراح بن منهال إسناداً له عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا ابن عوف، إنك من الأغنياء، وإنك لا تدخل الجنة إلا زحفاً، فأقرض ربك يطلق قدميك". قال النسائي: هذا حديث موضوع، والجراح متروك الحديث. وقال يحيى: ليس حديث الجراح بشيء. وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه. وقال ابن حبان: كان يكذب. وقال الدارقطني: روى عنه ابن إسحاق فقلب اسمه، فقال: منهال بن الجراح، وهو متروك. قال المصنف: قلت: وبمثل هذا الحديث الباطل تتعلق جهلة المتزهدين، ويرون أن المال مانع من السبق إلى الخير، ويقولون: إذا كان ابن عوف يدخل الجنة زحفاً لأجل ماله، كفى ذلك في ذم المال، والحديث لا يصح، وحوشِيَ عبد الرحمن المشهود له بالجنة أن يمنعه ماله من السبق؛ لأن جمع المال مباح، وإنما المذموم كسبه من غير وجهه، ومنع الحق الواجب فيه، وعبد الرحمن منزّه عن الحالين. وقد خلّف طلحة ثلثمائة حمل من الذهب. وخلف الزبير وغيره، ولو علموا أن ذلك مذموم لأخرجوا الكل. وكم قاصًّ يتشوَّق بمثل هذا الحديث؛ يحث على الفقر، ويذم الغنى، فيالله درُّ العلماء الذين يعرفون الصحيح، يفهمون الأصول". اهـ. والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في القول المسدد (ص ٢٨ - ٢٩) وقال: (لم ينفرد به عمارة الراوي المذكور، فقد رواه البزار من طريق أغلب بن تميم، عن ثابت البناني بلفظ: "أول من يدخل الجنة من أغنياء أمتي عبد الرحمن بن عوف، والذي نفس محمد بيده لن يدخلها إلا حبواً"، قلت: وأغلب شبيه بعمارة بن زادان في الضعف، لكن لم أر من اتهمه بالكذب. وقد رواه عبد بن حميد في مسنده أتم سياقاً من رواية أحمد. قال عبد بن حميد في =