ولا يلزم من كون قول أحد من الرواة مروياً في الصحيحين صحة ذلك القول، لأن انتقاد الذهبي للقول نفسه، لا لموضع إخراجه، مع أن الذهبي -رحمه الله- له سلف في تخطئة هذا القول. فقد نقل الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح (٩/ ١١٣) عن القاضي عياض -رحمه الله -، أنه قال: قال الطحاوي: "هذا وهم، وصوابه سودة كما تقدم أنها وهبت يومها لعائشة، وإنما غلط فيه ابن جريج راويه عن عطاء". دراسة الإسناد: الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وذكر أنهما لم يخرجاه، مع أنهما أخرجاه كما سبق من طريق ابن جريج الذي أخرج الحاكم الحديث من طريقه، وبيان حال رجال إسناد الحاكم إلى ابن جريج هذا كالتالي: جعفر بن عون تقدم في الحديث (٧١٧) أنه ثقة روى له الجماعة، لكن ليس هو من شيوخ البخاري ومسلم كما في ترجمته في تهذيب الكمال (١/ ١٩٨ - ١٩٩). والراوي عنه محمد بن عبد الوهاب العبدي الفرّاء تقدم في الحديث (٧١٧) أنه ثقة عارف، لكن لم يرو له أحد من الشيخين كما في التهذيب (٩/ ٣١٩ - ٣٢٠). وشيخ الحاكم ابن الأخرم محمد بن يعقوب الشيباني تقدم في الحديث (٥٢٣) أنه إمام، حافظ متقن حجة. الحكم على الحديث: الحديث أخرجه الحاكم والشيخان كما سبق، وإسناد الحاكم إلى من أخرج الشيخان الحديث من طريقه صحيح، لكن ليس على شرط الشيخين على مراد الذهبي في تعقبه للحاكم؛ لأن جعفر بن عون ليس من شيوخهما، والراوي عنه لم يخرج له الشيخان، والله أعلم.