للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المغيرات خلق الله. فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف، فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه: قال الله عز وجل: {وَمَاءَاتَكُمُ الرَّسُوُل فَخُذُوه وَمَا نَهَاكم عَنه فانتَهُوا} ... الحديث (١).

ولست أريد الاستطراد في ذكر الأدلة على وجوب الأخذ بالسنة، فقد كفانا مؤنة ذلك فحول العلماء، كالشافعي -رحمه الله- في كتابه الرسالة (٢) وغيره.

ويكفي في ذلك إجماع أهل السنة من السلف، فمن بعدهم، إلى عصرنا هذا، علي وجوب الأخذ بالسنة كمصدر ثان للتشريع الإِسلامي، وأنها هي المبينة للقرآن كما قال تعالى:

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (٣).

ونظراً لاستقرار هذا المفهوم لدى سلف الأمة، فقد صرفوا جُلّ اهتمامهم للعناية بالسنة، حفظاً وتدويناً، ونشراً لها، انطلاقاً من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "بلّغوا عني ولو آية" (٤)، وقوله: "نضّر الله امرءاً سمع منا شيئاً، فبلّغه كما سمعه، فرُبّ مُبَلّغ أوعى من سامع" (٥).

بدأ ذلك منذ وقت مبكّر، في عهده صلى الله عليه وسلم. فقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- يكتب كل شيء سمعه من


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٨/ ٦٢٠ رقم ٤٨٨٦) في التفسير، باب: {وما آتاكم الرسول فخذوه}.
ومسلم (٢/ ١٦٧٨ رقم ١٢٠) في اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة ....
(٢) ص ٧٢ فما بعد.
(٣) الآية (٤٤) من سورة النحل.
(٤) أخرجه البخاري (٦/ ٤٩٦ رقم ٢٤٦١) في الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل.
(٥) أخرجه الترمذي (٧/ ٤١٧ رقم ٢٧٩٥) في العلم، باب في الحث على تبليغ السماع، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>