أتم الحافظ العراقي نظم الألفية يوم الخميس ثالث جمادي الآخرة سنة ثمان وستين وسبعمائة، ومنذ ذلك التاريخ ظهر اهتمام العلماء بها، فَقَلَّ أن تجد ترجمة من تراجم العلماء الذي طلبوا العلم بعد هذا التاريخ إلا ويذكر في ترجمته أنه حفظ أو قرأ ألفية الحديث، والمطالع لكتاب " الضوء اللامع " والتراجم المذكورة فيه يتضح له هذا بجلاء.
وما ذلك إلا نظراً لما تمتعت به ألفية العراقي من ثراء الأسلوب، واحتواء المعاني، وترتيب الموضوعات، لا سيما وقد كان وَكْد الحافظ العراقي الأول هو تلخيص كتاب ابن الصلاح الذي هو العمدة في باب علوم الحديث.
فلم يكن بدعاً من الأمر أن تتوالي الشروح والحواشي على هذه الألفية، تلك الشروح التي جاءت لتوضح غامضها، وتحل مشكلها، وتبين مجملها، وتقيد مطلقها.
ثم إن تلك الشروح تختلف طولاً واختصاراً، حسب إشباع الشارح للمادة العلمية، كما تختلف في المنهج الشكلي للشرح وطريقته حسب قدرات الشارح أو وجهة نظره العلمية.