للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لنا. لابد من أن نعود أدراجنا إلى الوراء، إلى عهد المرحوم (فوستر دالس) الذي جسد في الواقع كل طموحات الاستعمار الجديد واهتمامات سلطته المدنية: أي الجيش.

كان الأمر يتعلق عندئذ، كما نذكر، بسياسة المحاور والتبعية التي بشر بها المرحوم سكرتير الدولة في سياسته الإفريقية الآسيوية.

نقول هذا دون أن ننسى، رغم ذلك، سياسة أخرى من سياسات المحاور (١).

ولكن هذه الأخيرة لم تكن ترتبط مباشرة بالعالم الثالث قدر ارتباط السياسة الأولى به. فالأولى كانت تهتم فعلا وعلى الأخص بتياراته السياسية. وذلك بتصنيفها -كما ينبغي- في تيارات موتية، أخرى غير مواتية، وفقا للمقاييس التي يضعها سكرتير الدولة.

بناء على هذا التصنيف المبدئي كانت الدولة الإفريقية الآسيوية تسجل في ملف المراقبة كدولة (خطيرة) أو (فاترة) أو (متحمسة).

إلا أن الناس الذين يقومون يوميا بهذا العمل، ليسوا هواة يملؤون أوقاتهم بإلصاق العناوين المصنفة على الدول الإفريقية الآسيوية، أو على رؤسائها. إنهم يقومون بعمل التصنيف هذا في إطار هدف سياسي ليس إلا.

ولنأخذ على سبيل المثال شخصا مثل (مصدق)، يصبح وقحا، ويخلق في وقت ما مشكلة خطيرة في طهران.

في الحال، يعطي الملف الحل: يخرج أبطال الأولمب من حلباتهم، ومن ملاعبهم، ويدخلون المسرح السياسي.


(١) يستتبع سياسة المحاور هذه الظاهرة الانعزالية. فالاستراتيجية العامة إذ تقوم بمراجعات مفتتة يمكن أن تخبئ المفاجآت. وعلى الدول (غير الكبرى)، قبل أي شيء، أن تعتمد على نفسها لكي تتجنب الفراغ والضياع.

<<  <   >  >>