في هذه الآونة، الداء الذي تجدر الخشية منه في الجزائر هو تخريب جهاز الدولة. وقد واجهت روسيا هذا الخطر في الفترة الممتدة بين ١٩٢٧ - ١٩٣٩.
إنه أسوأ من الهجوم العسكري، لأنه يسمح بقضم جهاز الدولة بصمت وغموض إلى أن يسقط أشلاء ودون أن تسمع آذاننا شيئا مما يجري، ولا أن ترى أعيننا شيئا من هذا العمل.
ولن ينتهي هذا العمل قبل أن يتآكل جسد المجتمع، وتدمر نوابضه، وتختفي مفاصله.
ولكن العنصر المسبب للمرض في هذا الميدان- المخرب- ينتمي إلى صنفين: الصنف الحاد (الفيروسي) والصنف الخامل.
فالمخرب الحاد هو ذاك الذي يعمل من خلال علاقاته مع فئات أخرى من صنفه، وبوعي لأهداف عمله: فهو يعرف أنه يقوم بتدمير المجتمع، والدولة، والنظام. ولا تحتاج البتة للبحث عنه بواسطة مجسم، بل يكفي أن تفتح نافذتك، أو بصيرتك، لكي تدرك ماهية عمله.
وبالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يجهل هذا النوع من الميكروب الاجتماعي الأعضاء الآخرون في عائلته المسببة للمرض- وحتى هذه تقنية ضرورية عند أولئك الذين يمسكون بالملف- ولكنه لا يمكن أن يجهل طبيعة عمله، ولا الراتب الذي يتقاضاه من أجله.
إنه يعلم بشكل عام، أنه يعمل بناء على تصميم وضع في الخارج في إطار استراتيجية كونية تطبق سائر وسائل العمل الميكروسكوبي، في الأماكن التي يكون استعمال القنبلة الذرية فيها غير ضروري أو غير ممكن.
أما الميكروب الآخر- المخرب الخامل- فإنه ذلك الشخص الطيب المتسامح،