أضف إلى ذلك أن بلدان العالم الثالث ليست الوحيدة التي عليها أن تتحرر من مثل هذه العقدة، للسير خطوة إلى الأمام في طريق التطور. ففي بداية القرن الثامن عشر قضى بطرس الأكبر حياته كلها، لكي يعلم الشعب الروسي أن يصبح تلميذا (متدرجا) لدى حضارة أخرى. وهو بذاته قيصر كل روسيا، تدرب على يد نجار سفن، وعلى يد حداد في هولندا، لكي يعطي فيما بعد لبلاده أول أسطول وطني له. ولكن، كم كانت تبدو مضحكة أولى المدافع وأولى السفن الشراعية، التي بنيت تحت إدارة بطرس الأكبر الشخصية، بالمقارنة مع مدافع سفن معاصره وغريمه (شارل) ملك السويد. إلا أن بطرس الأكبر عرف كيف يخضع غرور بلاده وكسلها لإكراه رسالة كبرى.
إن بلادنا والميدان الذي أخص به هذه السطور، ليسا على ما يبدو على مستوى المثال الذي اخترته. لكن الأمثلة لا تكون بناءة بمقاييسها، بل بمدلولاتها.
كي نتغلب على العناصر، يجب أولا أن نتغلب على أنفسنا.
وإذا كنا نريد صحفيين موهوبين، وصحافة تتبوأ مركزها في عداد الصحافة العالمية الكبرى، يجب علينا أن نكون في البداية مجرد صحفيين متدربين.