كل شياء في هذا المقطع، اللهم إلا كلمة (لهم) التي بين هلالين. لقد أضافها المترجم فغيرت تماما معنى الجملة، ونية الكاتب الذي جعلته الترجمة في موقف حوار مع المتعاونين، وكأنه يعطي لهم في نهاية الأمر، مسؤولية النظام في منزلنا.
إلا أن التحية التي أوجهها لهم هنا ليست سوى حيطة إضافية؛ أردت بها أن أعلم القارئ أنني لا أفكر بهم؛ وأن الأمر لا يتعلق بالضيوف المارين بالمنزل، بل بأولئك الذين يوجدون فيه للحياة وللموت، أي نحن بالذات.
ولا بد هنا من ملاحظة أن مجرد كلمة صغيرة تحمل أهمية كبيرة. فهي تستطيع أن تحور الفكرة، كما يستطيع القضيب الموضوع على سكة الحديد أن يحور القطار عن سكته.
والنتيجة أن هذا الخطأ في الترجمة ذو نفع من منظور آخر: لأنه يجبرنا على العودة على موضوع شائك وخطير. ويكفيه أنه ذكرنا بأننا لا نزال نميل أحيانا إلى الاهتمام بالقشة في عين جارنا، وننسى العارضة التي في أعيننا. إن نقدنا لذاتنا لا يبدأ بوعي الآخر بل بوعي الذات، وليس علينا أن نطلب تحمل مسؤولية بيتنا من الآخرين؛ بل من أنفسنا. إن الأجنبي- ولو كان مشبوها- لا يستطيع أن يفعل الضرر في بيتنا إلا إذا وجد فيه من يحابيه ويتآمر معه، كما جرى مع هذه الأدمغة (الجواسيس) الذين بفضلهم استطاع الطيران الإسرائيلي في الخامس من حزيران أن يصل إلى المطارات العربية خفية عن راداراتها.
تلك هي المشكلة! إنها مشكلة سياسية في بادئ الأمر. فعندما ألقى قادة هذا البلد شعار اليقظة، لم يستجيبوا لأسطورة ما، بل لضرورة لم تفقد يوما أهميتها، ولكنها باتت في هذه اللحظة الاستثنائية (الحرجة) أشد إلحاحا. ليس لي الأمر في أن أقول ما يتضمن هذا الشعار من المنظور العسكري.