فسيفساء تجمع مشاريع صمم كل منها تصميما منفصلا عن المشاريع الأخرى، وهي قد تتلاءم فيما بينها أو لا تتلاءم.
وإذا اتبعنا سبيل الاستنتاج المنطقي، رأينا أن التطور لا يمكن أن يعد جمعا من العناصر المنفصلة، تم ربطها فيما بينها بعد فوات الأوان. ويمكن في هذه الحالة أن نقع على مفاجآت غير سارة، كأن نلاحظ أن بعض العناصر تزيد عن الحد، وأن أخرى تنقص عنه، أو أن بعض ها أيضا لا يتلاءم مع المقياس المشترك للمجموعة، لكونها أصغر أو أكبر مما يجب. ويقدم لنا علم الميكانيكا مثلا بينا. فالتوازن الديناميكي للآلة يضطرب- إذا لم يدمر- ما إن نضيف إليها قطعة أو ننقصها منها.
نفهم من ذلك، أن الاهتمام بهذا التوازن هو الذي يحكم تصور أدنى جزء من الآلة، في سبيل الوصول في نهاية الأمر إلى تأمين وحدة الآلة. هذه الوحدة التي هي الشرط الأساسي لأداء عملها بنجاح.
إذن فالتخطيط في بلد في طور النمو، يهدف أساسا إلى تحريك كامل طاقاته وموارده البشرية والمادية تحريكا يؤدي إلى خلق ديناميكية اجتماعية.
وبابتعاد أحد عناصر هذا التخطيط، مهما كان ضئيلا، عن المقياس العام للمجموع، أو عن القواعد الأخلاقية الملازمة للعمل الجماعي لا يمكن بالنتيجة، إلا أن يؤثر تأثيرا سلبيا على توازن الديناميكية التي يراد خلقها.
فبرنامج التنمية لبلد ما، كالجزائر مثلا، تكون سائر فرص النجاح لديه مسجلة مسبقا في منهجيته التخطيطية، وفي نوعية خطته التقنية والأخلاقية.
ولكن أولا، هل توجد في الجزائر خطة؟
نظريا، الجواب نعم، هذا الجهاز موجود على ما يبدو في وزارة المال. وإن كان هنا أو هناك، فليس لمكان وجوده أثر كبير.