هنا نلج في (لعبة الداخداخيات) الأشد غموضا، والأكشد دهاء في ميدان الأفكار. الأمر بسيط: إنها تضع رجلا في الخدمة وراء الباب، الذي يجب أن يجتازه هذا المفكر، أو ذاك، وقد جاء يعمل في بلده. وإذا بالباب يغلق بهدوء في وجهه. لماذا؟ آه! هناك ألف وسيلة ووسيلة لإغلاق الباب هكذا. من الإغاظة إلى تدبير أمر ما. سل هذا المهندس الزراعي (وهو، في نظري، أفضل من في فرعه)، لماذا هو الآن في الخارج؟ وسل ذاك الطبيب الجزائري، وهو متخصص بطب العيون من الدرجة الأولى، لماذا هو الآن رئيس في عيادة في ألمانيا؟ عندها ستفهم كيف يغلق الباب في وجه المنفي. إنه عمل آلي:(رأس الدخداخيات) ترسل الأمر، و (الرجل) تفعل الباقي.
في الواقع، إذا أردنا أن نكون فكرة، ولو تقريبية، عن ضخ رأسمالنا الفكري وطرده، يجب القيام بتحقيق يشمل كامل أرض الوطن، وفي كل الأماكن التي تستخدم فيها كشعار كلمة (ثقافة) أو (ثقافي). وبالطبع، أنا لا أملك الوسيلة، ولا الزمن للقيام بذلك، ولا حتى متسعا من المكان في هذه الأسطر.
ولكن صديقي (النموشي) أشار إلى وسيلة تعطينا فكرة ولو كانت على الأقل جزئية. فهو يشير بالضبط كيف تضع الدخداخيات في الدول الصغيرة (مجساتها التي تشوش على مراكزنا العصبية).
والجامعة، بالطبع، إحدى هذه الوسائل. إذ يمكنك بالتالي أن تعرف أهمية الإضراب في جامعتنا، مؤخرا، والذي انتهى، فعلا، بعودة الأمور إلى طبيعتها، بفضل حكمة طلابنا.
لقد أخفقت الدخداخيات- ولا شك- في إيصال سنة كاملة من عمر شبابنا المجتهد إلى العدم. ولكنها لا تقبل الفشل. ماذا سيدفع هذا الطالب، وهذه الطالبة من الطلاب الذين سجلوا حضورهم في أيام الإضراب؟ هناك إشارات بدأت تدل على