نراه يبدأ عمله في ساعة مبكرة، تقريبا مع شروق الشمس. ونراه يغادر المكان حوالي الساعة الرابعة، في سيارة خاصة يقودها سائق.
هناك حماس، وهناك أسلوب، كما نرى.
إلا أن الشيخ ليس في قليل الذوق حتى يضع تسعيرة للبركة التي يهبها. يضع الناس في كفه المبلغ الذي يشاؤون. ولكن المجموع كبير جدا على ما يبدو.
إن صديقي الذي راقب المشهد بروح المناضل الإصلاحي القديم والمخلص لعهد (بن باديس)، وفي الوقت نفسه بروح التاجر الماهر في تقدير الأشياء، كان قدر دخله في ذاك اليوم بأكثر من خمس مئة ألف فرنك قديم.
إذن ودون أن نكون مبالغين في الأمر، إن الشيخ الأخضر يكسب أكثر بكثير مما يكسبه طبيب حائز على دكتوراة في الطب.
في الواقع، ما يهمني ليس مشكلة مجبر العظام المكسورة. فاستغلال المطببين الدجالين للمرضى مشكلة توجد في كل العصور، وهي متشابهة في كل البلدان. وهي مشكلة تسترعي بالأحرى انتباه الأطباء أو وزارة الصحة.
إن ما يسترعي انتباه عالم الاجتماع هو ذلك الجانب الآخر الذي أوحى في الماضي إلى (زولا) بالتحديد روايته الشهيرة حول كاتدرائية (لورد).
إلا أنني أتكلم عن الموضوع على سجيتي. ففي إحدى مقالاتي السابقة عن (بن باديس) المتصوف، كنت قد بينت أنني لا أضمر بغضا ولا أعطي أحكاما مسبقة حيال معتقدات أو مواقف أجدها جد شريفة.
فضلا عن ذلك،- وأنا أنتهز الفرصة لأقولها هنا- إذا كنت فاجأت أحدا في مقالي، فإنه يتوجب علي أن أطمئنه أنني لم أشوه التاريخ الشخصي لمؤسس في الإصلاح