للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نكون ساذجين حتى إذا ظننا ذلك، إن هذه (الكومة) المتروكة في المكان المغادر ستعود إليه لتصبح بسرعة (كلا منظما)، وذلك بتأثير إرادة منطمة لا تضيع أبدا وجهتها. وهي ستصبح ثانية أخطبوطا متعدد الأرجل، يملك أرجلا محلية، ورأسا مفكرا في الخارج.

ولا بد عندئذ منا كارثة، كتلك التي حصلت في سيناء لكشفه، ولا بد من ثورة ثقافية تفصل أرجله الرخوة عن رأسه المتين الذي يفكر.

إن الثورة التي حصلت في الصين ظاهرة من الظواهر الأساسية لثقافة الصين الجديدة على الصعيد السياسي. فقد فككت هذا الأخطبوط الذي كان يكون الطليعة، والآلة المحلية للهجمات الاستعمارية المقبلة.

ولكن الزوبعة الثورية الجديدة في الصين فككت تلك الآلة. ولم تعد الأرجل المتعددة تستطيع منذ ذلك الوقت أن تقوم بوظيفتها المعتادة حين ترسل الرأس المفكرة إليها أوامر، من خلال شبكه الأرجل التي فقدت سيطرتها عليها، إنما الثقافة تتضمن كل ذلك، وعلى الأخص في بلد ثوري مثل الجزائر.

إن النداء الذي وجه في قسطنطة إلى الطاقات الفكرية في هذا البلد سيكون له بالتأكيد صدى عميق في صفوف النخبة.

يترتب على هذه النخبة أن تقوم بدورها في بناء المجتمع الجزائري الجديد، إن عالم الأفكار لدينا يجب أن تبنيه تلك النخبة، تلك هي مهمتها الأساسية، وعليها- في هذا المجال كذلك، ودون شك- أن تحرر أذهاننا من بعض البلبلة التي فيها. والعالم ليس مجرد (تكوين) للأشياء وللأفكار، على الأخص، فيما يتعلق بالأفكار التي يعني تكوينها الاختلال والفوضى والتوفيقية والمواطنية العالمية، أي كل ما يجعل الفكرة تفقد أصالتها وقيمتها البناءة.

<<  <   >  >>