للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإيزابيل إيبرهارد، سوف تعيش تحت تأثيره في تلك المغامرة المجنونة، التي ستنتهي بالمأساة في عين الصفرا، ثم ذلك الضابط الشاب الشهير، والذي سيصبح الأب فوكود، إذ تتلقاه عمته العجوز بحبور، وتقيم حفلة استقبال على شرف عودته من الجزائر، لكنه يطلق أمامها تنهيدة:

آه! يا عمتي لم لم أولد مسالما؟

فالشعب الجزائري المحطم، المعرى، المسلوب، الأمي، المستذل، يلهم مع ذلك تلكم الأرواح المختارة، اتجاهات سامية فيها المخاطر كلها.

ففي ذلك العصر عاش الشعب الجزائري أيامه الأكثر ظلمة بلغت مداها في هوان لا إنسانية فيه، ولا رحمة.

وفي ذلك العصر اكتشف الرسام الشاب إتيين دينيه الجزائر، لكن فنه لم يكن بعد قد سلك رسالة ما.

لقد حالفه الحظ بدون شك، إذ هبط (بوسعادة). ويمكن لنا أن نتصور اتصاله الأول بتلك الطبيعة، حيث نظرته كرسام، قد أخذت على غرة بطبيعة لم تألفها. إنها الخضرة الداكنة والتربة الصلصالية الحية.

فحينما تسلق لأول مرة، ذلك الطريق المتعرج، الذي يقود إلى الجانب الآخر من الوادي، أي المكان الذي يوجد فيه اليوم قبره، فقد استشعر نشيد الألوان يتسرب إلى روح الفنان في نفسه. وفي تلك اللحظة من النشوة، فإن نظرته اكتشفت وراء ذلك الأفق الأكثر اتساعا.

فهنالك أولا منبسط الوادي، حيث برك الماء التي تمتلئ إثر كل شتاء، وتنثر هنا وهناك بقعا خضراء على صفحة صهباء مليئة بالحصى. فإذا سرح النظر إلى أعلى قليلا، فهنالك إلى الأمام يبز إكليل داكن متدرج من شجر النخيل، وفي القمة من المنظر

<<  <   >  >>