وعلى كل حال، يبقى الجواب صحيحا، ولكن يجب رغم ذلك ألا نخضع لآلية الجواب: بل يجب أن نفكر.
لا يجب أن نتهم، بل أن نفهم، لم تستطع الإمبريالية بضربة من عصا سحرية أن تحطم مشاريعنا المبشرة لنا بالخير أحيانا. وبالتالي الخطرة لها.
إنها لا تفعل أكثر من استغلال مواطن ضعفنا، إما في تصميم مشاريعها وإما في تنفيذها.
إن الظروف الاستثنائية للحرب الباردة هي التي أنجبت مشروع مؤتمر باندوخ. ويجب أن نعترف بكل تواضع أننا لم نفعل شيئا كثيرا لنساعد هذا المولود الجديد على النمو. هذا في البدء. ثم إنه يترتب علينا الاعتراف بأننا حتى أعقنا تطوره بالمبادرات الفجائية والإجراءات التي لا طائل تحتها.
في المؤتمر الإفريقي الآسيوي الثاني الذي عقد في القاهرة سنة ١٩٥٧، رأينا مثلا (طه حسين) المؤثر يتكلم عن الثقافة الرائعة لبلده خلال آلاف السنين. فلو أن هذا حدث على منبر كلية جامعية أمام حشد من الطلاب، لكان الموضوع نفيسا حقا، ولكن من على منبر الشعوب الإفريقية الآسيوية؟ ألم يكن من الأفضل، لو تكلم عن مشروع ثقافة إفريقية آسيوية يوضع فورا قيد التنفيذ، لكي يقدم البناء المتين الضروري لمجتمع شمل القوى الهائلة، المشتتة نوعا ما، والمجتمعة في باندونغ؟
من الواضح أن هذا التناقض كان فوق ذلك مشتركا بين الجميع. اللهم إلا عند الوفد السوفياتي، الذي قام بشيء أشد فعالية، حين تكلم عن قواعد اقتصاد إفريقا آسيوي.
أما بالنسبة ل ( GPRA)، فإنها لم تجد أفضل من أن تعتالي منبر الشعوب الإفريقية الآسيوية لا لتسمع صوت الثورة الجزائرية، بل لتستشهد بأقوال الصحافة