كا الحديث عن الجزائر. وقد أثار اهتماما شديدا، حتى في عيني تلك الطفلة الجميلة التي جلست بالقرب مني، ولكنها تهرب بضفائرها الصغيرة الشقراء إلى ذراعي أمها كلما مازحتها قائلا:
سوف آخذك معي إلى الجزائر.
أما أبوها الذي يتابع دراسة الطب في المدينة، فقد انهمك يلتقط العديد من الصور الفوتوغرافية لجمع شديد الاختلاف في أصوله، لكنه شديد التجانس في أفكاره وشعوره واهتماماته.
كنا إذن وعلى مستوى صغير مجتمعا واحدا، يقلب مشاكله، يقيس فيها هموم الخيبة أو حظوظ النجاح.
مجتمعا جزائريا شئت، أو عربيا، أو إسلاميا، أو إنسانيا. فالاهتمامات أخذت بالنسبة إلينا مداها في سائر أبعادها.
جو العيد يدفع بالذكريات، فتجيش بها الخواطر، ويشرد الذهن في أحداثها، وما تناءت به السنون.
ورب العائلة .. سليل الأمير الذي يرقد رفاته في مقبرة العالية في الجزائر، قد أخذ من ذلك بقسطه، فحدثنا بما اتفق له من الذكريات.
وقاده الحديث إلى ذلك العصر، الذي كان فيه عبد العزيز بن سعود قد بدأ إصلاحاته الأولى في مملكته.
وهكذا بدا له أن يؤدي فريضة الحج في تلك الحقبة، وهي الحقبة نفسها التي أدت فيها والدتي فريضتها.
لم يكن الأمر في ذلك الزمن قد بلغ الحد الذي بلغه اليوم؛ حيث يمكن أن يسحق امرؤ بكل معنى الكلمة، بزخم العديد الذي لا يحصى من الحجيج الذين يطوفون حول