الكعبة، أو تتقطع أنفاسه بضغط تلك الآلة الضخمة من الكتل البشرية التي تتحرك في طوافها.
الأمر في ذلك الزمن كان مختلفا. والحاج في وسعه أن يتم أشواط الطواف براحة، ويتفحص خلالها الوجوه إذا أراد. كما يمكن له أن يتخذ منها معارف.
مضيفنا قد تعرف بالفعل على تلاثة أو أربعة من الصبيان، تنبئ شعورهم المجعدة وألوان بشرتهم، أنهم من إفريقية السوداء.
الأطفال أمسكوا بأيدي بعضهم بعضا، وهم يطوفون أشواطهم حول الكعبة.
وإذ رآهم المهندس الحاج، فقد مالت نفسه إليهم عطف أبوة، فكان كلما التقى بهم في الطواف، يوزع عليهم بعض الحلوى.
أما أبوهم الذي ربما أبصر صنيع المهندس الحاج بالأطفال، أو هم حدثوه بأمره، إذ هم إخوة، فقد أراد بدون شك، أن يعبر بطريقته عن شكر الرجل، الذي أضفى على أطفاله السرور.
وقال له:
- أريد أن أصبح أخاك.
وأجابه:
- نحن إخوة بالفعل لأننا مسلمون.
لم يشأ الحاج الإفريقي الاستماع، بل أردف مؤكدا فكرته: