للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"لا تلمس المال". هذه العبارة تقال لك فقط بلغة موسيقية سريعة، وأسرع، وخفيضة .. حسب لهجة بعض أميرالات البحرية، أو أحد مفسريه.

و (المال) هنا هو سائر ما تريد التغلب عليه، وتجاوزه، ونسيانه: الفساد، الانحلال، الإخلال بالواجب، الفضيحة، النصب، وما عداه.

إن الاستعمار يقول لك بكل بساطة "لا تلمس" كل ذلك، كل هذا الرأسمال الذي يمثل استثماره الأهم والوحيد في مدينتك، في بلدك، في سائر دول العالم الثالث. إنه أكثر من إسو، وستاندرد، وأرامكو، والنابالم مجتمعة.

إنه لا يريد لنا من الشر أكثر من ذلك. إنه يقول لنا فقط: تعفنوا بهدوء! لا تسمعونا أصواتكم، ولا احتجاجاتكم، في القاعة التي تصدح فيها موسيقى النيرفانا، والتام- تام، والأحلام، والكوابيس! وعلى حكومتكم أن لا تزعج الناس الذين يتمتعون بالحياة الناعمة في الداخل، أو في الخارج، ببضع مشاريع تحسن بها الجو الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي! ولتغمد إرادتها الضعيفة في جيبها، أو في رأسها، أو حيث تشاء!

هذا ما تعنيه لعبة الدعسة الجديدة. بالطبع، إذا أصررتم، وإذا أرادت حكومتكم أن تدخل مرحلة التنفيذ، عندها يمكن للموسيقي الماهر الذي يدوس على هذه الدعسة، أن ينتقل إلى (نوتة) النابالم، وإلى سلم (مشاكل على الحدود). هذا ممكن!

ولكن! لنفترض أن هذا أكيد.

هل ينبغي أن نبقى (مستمعين) لموسيقى الدعسة الأولى؟ أن نبقى في قاعة الاستماع، بانتظار الخطر الخارجي من النيرفانا والتام- تام والفساد والتأملات والفناء في مكاننا، كما جرى لطائراتنا العربية صبيحة الخامس من حزيران؟

<<  <   >  >>