للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال البيهقي: في هذا الحديث الثابت دلالة على أن الحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الرجلين، إن صح؛ فإنما عني به وهو طاهر غير محدث، إلا أن بعض الرواة كأنه اختصر الحديث، فلم ينقل قوله: هذا وضوء من لم يحدث. وقال أحمد: حدثنا ابن الأشجعي عن أبيه عن سفيان عن السُّدى عن عبد خير عن علي: "أنه دعا بكوز من ماء، ثم توضأ وضوءًا خفيفًا، ومسح على نعليه، ثم قال: هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يحدث". وفي رواية: "للطاهر ما لم يحدث" (١).

قال: وفي هذا دلالة على أن ما روي عن علي - رضي الله عنه - في المسح على النعلين إنما هو في وضوء متطوع به، لا في وضوء واجب عليه من حدث يوجب الوضوء، أو أراد غسل الرجلين في النعلين، أو أراد أنه مسح على جوربيه ونعليه، كما رواه عنه بعض الرواة مقيدًا بالجوربين، وأراد به جوربين منعلين.

قلت: هذا هو المسلك الخامس: أن مسحه رجليه ورشه عليهما، لأنهما كانتا مستورتين بالجوربين في النعلين.

والدليل عليه: ما رواه سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأَ مرة مرة، ومسح على نعليه" (٢).

لكن تفرد به رواد بن الجراح عن الثوري، والثقات رووه عن الثوري بدون هذه الزيادة.

وقد رواه الطبراني من حديث زيد بن الحباب عن سفيان فذكره بإسناده، ومتنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على النعلين " (٣).


(١) أخرجه أحمد (١/ ١٢٠)، والبيهقي (١/ ٧٥).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: (١/ ٢٨٦).
(٣) في المعجم الكبير للطبراني: (١/ ٢٢٢)، حدثنا عَلِيُّ بن عبد الْعَزِيزِ وأبو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالا: ثنا حجاج بن الْمِنْهَالِ ثنا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ عن يَعْلَى بن عَطَاءٍ عن أَوْسِ بن أَبي أَوْسٍ قال: "رأيت أبي يَمْسَحُ على النَّعْلَيْنِ، فقلت: أَتَمْسَحُ عليها؟ فقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ".

<<  <   >  >>