وأما دعوى تفرده به؛ فليس كذلك، فقد تابعه عاصم بن سليمان الأحول، رواه بقي بن مخلد في "مصنفه" من طريقه نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به.
وعاصم من رجال الصحيحين والسنن الأربعة، قال الإمام أحمد فيه: ثقة من الحفاظ.
وتابعه زُرَارَةَ بن أَوْفَى عن سَعْدِ بن هِشَامٍ، كما تقدم في مسلم، ومسند أحمد.
فظهر بهذا ضعف قول البيهقي: تفرد به زهير بن محمد. وقول أبي عمر ابن عبد البر: لم يرفعه غير زهير عن هشام.
وأما قول الحافظ أبي بكر البزار: لا نعلم أسنده إلا عمرو عن زهير.
فليس بجيد أيضاً، فقد أسنده عبد الملك بن محمد الصنعاني عنه -كما سلف من رواية ابن ماجه وغيره-.
وأما قول الدارقطني: إن عمرو بن أبي سلمة وعبد الملك الصنعاني رفعاه، وخالفهما الوليد بن مسلم فوقفه على عائشة.
فجوابه من وجهين:
أحدهما: أنه قد توارد على رفعه ثلاثة هذان الإمامان، وعاصم بن سليمان، وتابعهم زرارة بن أوفى، فيكون الأكثر على رفعه، وانفرد بوقفه الوليد بن مسلم.
ثانيهما: أنه يحمل على أن عائشة - رضي الله عنها-روته مرفوعًا، وأفتت به، فنقل المجموع عنها، وهذا لا غرابة فيه، بل هو الأصل.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(٢٤٤٢): عن الحسن بن سفيان نا ابن أبي السري نا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنه-: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمة واحدة عن يمينه يميل بها وجهه إلى القبلة".