للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البيهقي في "المعرفة": "وروينا تسليمة واحدة عن علي وابن عمر وابن عباس وجابر وأنس وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة ابن سهل بن حنيف" (١).

فلا يُظَنُّ بالصحابة رضوان الله عليهم أن يتواطأوا على هذا من غير أن يأخذوه من نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، كيف وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي؟!.

فرحم الله الإمام المجدد فقد برع، حتى أدرك ما فات غيره من علماء هذا الفن، وكان كثيرًا ما يقول: كم ترك الأول للآخر.

تتبيه: قال الإمام مسلم رحمه الله (٥٨١): حدثنا زُهَيْرُ بن حَرْبٍ حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ عن شعْبَةَ عن الْحَكَمِ وَمَنْصُورٍ عن مُجَاهِدٍ عن أبي مَعْمَرٍ: "أَنَّ أميرًا كان بِمَكَّةَ يُسَلِّمُ تَسلِيمَتَيْنِ، فقال عبد اللهِ: أَنَّى عَلِقَهَا؟ قال الْحَكَمُ في حَدِيثِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يَفْعَلُهُ". أي: من أين حصل على هذه السنة، وظفر بها؟

وهذا يدل على صحة ما ذهب إليه الشيخ رحمه الله، وأن جواز هذا الأمر مستقر عند الصحابة رضوان الله عليهم، وأن التسليمتين من السنن التي هجرت، أو كادت، ونظيره: ما رواه البخاري عن عكرمة قال: "صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبيرَة، فقلت لابن عَبَّاسٍ: إنه أَحْمَقُ! فقال: ثَكِلَتكَ أُمُّكَ! سُنَّة أبي القَاسَمِ - صلى الله عليه وسلم" (٢).

ثم وقفت على تقوية الإمام أحمد للحديث؛ قال الحافظ في "التخليص الحبير" (٢/ ١٦): "وحديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يفصل بين الوتر والشفع بتسليمة ويسمعناها" (٣)، رواه أحمد وابن حبان، وابن السكن


(١) انظر: "معرفة السنن والآثار" (٣/ ١٧٣).
(٢) أخرجه البخاري (٧٨٨).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده: (٢/ ٧٦).

<<  <   >  >>