للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطويل المشهور، لكن بعض الرواة زاد فيه على بعض، فمنهم من لم يذكر قوله: "وإذا قرأ فأنصتوا"، ومنهم من ذكرها، وهي زيادة من الثقة لا تخالف المزيد، بل توافق معناه، ولهذا رواها مسلم في "صحيحه" (١).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا"، رواه أحمد (٢/ ٣٧٦)، وأبو داود (٦٠٤)، والنسائي (٩٩٤)، وابن ماجه (٨٤٦).

قيل لمسلم بن الحجاج: حديث أبي هريرة صحيح؟ يعني: "وإذا قرأ فأنصتوا". قال: هو عندي صحيح، فقيل له: لما لا تضعه هاهنا؟ يعني في كتابه، فقال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه" (٢).

* قلت: ويشهد له أيضًا: ما رواه البخاري في "صحيحه" (٦٩٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُصَلُّونَ لَكُمْ، فإن أَصَابُوا فَلَكُمْ وَإِنْ أخطؤوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ".

ففيه إشارة إلى تحمل الإمام القراءة عن المأموم، وذلك أن المأموم يقوم بجميع ما يقوم به الإمام؛ إلا القراءة، فهذا معنى قوله: "يصلون لكم ونظيره قوله تعالى: (وَإِذَا كنُتَ فِيهِم فَأقَمتَ لَهُمُ اَلصلَاةَ) الآية، [النساء: ١٠٢] فليس المقصود: الإقامة المعروفة، وإنما العمدة في إقامة الصلاة على قراءة الإمام، وأعظمها الفاتحة، وقد سماها الله في الحديث القدسي صلاة.

ويزيده إيضاحًا: ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس: في قَوْلى تعالى: {لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانَكَ لِتعْجَلَ بِهِ} [القيامة: ١٦] قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يُعَالِجُ من التَّنْزِيلِ شِدَّةً، كان يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فقال لي ابن عبَّاسٍ: أنا أحَرِّكُهُمَا كما كان


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٣/ ٢٧٢).
(٢) انظر: "صحيح مسلم" (٤٠٤).

<<  <   >  >>