للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلنا: هذا فيه نظر إلا على واسع الخطو في القياس، فإن الجمعة ليست هي الظهر، ولو أخذه بعضهم فمن البعيد أن يتفقدا من غير نص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأيهما أولى مخالفة: أبي حاتم، أو مخالفة الصحابة؟!

فإن قول أبي حاتم يحتمل الصواب والخطأ، وإجماع الصحابة لا يحتمل الخطأ.

قال شيخ الإسلام: "الرابع: أن الجمعة لا تدرك إلا بركعة، كما أفتى به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- منهم: ابن عمر، وابن مسعود، وأنس وغيرهم، ولا يعلم لهم في الصحابة مخالف، وقد حكى غير واحد أن ذلك إجماع الصحابة" (١).

ثم وجدت في "مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه" (١/ ١٢٢) احتجاجه بالحديث: "قُلْتُ: مسافر أدرك من صلاة المقيمين ركعةً، أو أدركهم جلوسًا، قَالَ: يصلي بصلاتهم، وإذا أدركهم جلوسًا؟ يصلي بصلاتهم، فلولا الحديثُ في الجمعة لكان ينبغي له أن يصلي ركعتين".

وفي "شرح الزركشي" الحنبلي قوله: "إلا أن أحمد قال: لولا الحديث الذي يروى في الجمعة، لكان ينبغي أن يصلي ركعتين، إذا أدركهم جلوسًا. وظاهر هذا أنه يعتمد عليه" (٢).

فالملاحظ: أن التقليد كما هو في الفقه، فهو موجود في الحديث، فانظر كيف تتابع أكثر أصحاب كتب التخريج على تقليد أبي حاتم، والدارقطني، ولم يتفطَّنوا إلى أن اتفاق الصحابة لا بد له من مستند، وإلا فأين يقع علم أبي حاتم والدارقطني من علم الإمام أحمد؟!

وعند التأمل: فإن النظر لا يستبعد أن يكونا حديثين، فإن في صحيفة همام


(١) انظر: مجموع الفتاوى: (٢٣/ ٣٣٢).
(٢) شرح الزركشي: (١/ ٢٧٤)، والفروع: (٢/ ١٠٢).

<<  <   >  >>