للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الأقسام عنده تصلح للاحتجاج بها، كما نقل ابن منده عنه أنه يخرج الحديث الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، وأنه أقوى عنده من رأي الرجال" (١).

وقال الحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله:

"قلت: فقد وفي رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده، وبيَّن ما ضعفه شديد ووهنه غير محتمل وكاسر (٢) عن ما ضعفه خفيف محتمل، فلا يلزم من سكوته والحالة هذه عن الحديث أن يكون حسنًا عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولَّد الحادث، الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء، أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري ويمشِّيه مسلم، وبالعكس؛ فهو داخل في أداني مراتب الصحة، فإنه لو انحطَّ عن ذلك لخرج عن الاحتجاج ولبقي متجاذبًا بين الضعف والحسن، فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو من شطر الكتاب، ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر، ثم يليه ما رَغِبَا عنه وكان إسناده جيِّدًا سالمًا من عِلّةٍ وشذوذٍ، ثم يليه ما كان إسناده صالحًا، وقَبِلَهُ العلماءُ لمجيئه من وجهين ليِّنين فصاعدًا؛ يعضد كل إسناد منهما الآخر، ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه، فمثل هذا يُمَشِّيه أبو داود ويسكت عنه غالبًا، ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه؛ فهذا لا يسكت عنه؛ بل يوهنه غالبًا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، والله أعلم" (٣).

وقال العلامة المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله:

"الأَصْلُ الرابع من أصول أحمد: الأَخْذُ بِالْمُرْسَلِ وَالْحَدِيثِ الضعيف إذَا


(١) انظر "النكت على ابن الصلاح": (١/ ٤٣٥).
(٢) أي: غضَّ الطرفَ والنظر.
(٣) انظر "سير أعلام النبلاء " (١٣/ ٢١٤).

<<  <   >  >>