دلق رقيق، بالي الخلقة رقيق، قد تمكن منه الوسخ ونبت فيه ورسخ، قد جمعه من عدة رقاع، له مدفأة يستدفئ بنارها" (١).
[تحليل مادة الرسالة التي ننشرها]
ناقشت الرسالة، مسألة اقتصادية مهمة، وهي، هل يصح الوقف والوصية للصوفية أم لا؟ ذلك أن عددًا كبيرًا من مصالح البلدان، كالدكاكين والحمامات والأسواق والبساتين والقرى الفلاحية والطواحين والمعاصر وغيرها، كانت توقف على صوفية خانقاه أو يوصي بإنفاق ريعها على جماعة صوفية معينة، وبالتالي فإنه لا يستفيد من هذه المصالح إلا حفنةٌ من المجتمع حظيتْ بخيراتهِ وهباتِهِ، بل وأثرت في مجرى الأحداث السياسية والاجتماعية في الأمة، فغدت هي المتنفذة المقربة من أُولي الأمر، بل إن أُولي الأمر أنفسَهم باتوا يخشونهم، فتزلفوا لهم بالمبالغة في إكرامهم وإغداق الأموال عليهم.
لقد شكل هؤلاء الصوفية عبئًا ثقيلًا على اقتصاد المجتمع، وأُرْهِقَ الأهالي والفلاحون بتوفير احتياجاتهم طمعًا في إرضائهم ونيل دعواتهم، وانعكست الأهداف وغرق الصوفية في المفاسد والإِفساد، وسيروا الحياة الاجتماعية وفق ما يرغبون، وطغي هيلمانهم، واستفحل تأثيرهيم، فقام جماعة من العلماء، وأخذوا على عاتقهم تنبيه المجتمع لحالة التردي التي وصلت إليها حركة الصوفية، وذلك من خلال إيقاظ الأحاسيس بأصول الصوفية الحقة، فأعاد هذا النفر من العلماء، البحث في التصوف، وحقيقة الصوفي من حيث المبادئ والأهداف، والقصد من ذلك إثارة المسألة عند الناس، ليقارنوا بين حال الصوفية في عصرهم، وما يجب أن يكونوا عليه.
وكان مؤلف رسالتنا جعفر بن ثعلب الأدفوي أحد هؤلاء العلماء الذين