للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ الغزالي في الإحياء (١): "التصوُّف أمر باطنٌ، لا يُطَّلَعُ عليهِ، فلا يمكنُ ربطُ الحُكْمِ بهِ، بل بأُمورٍ ظاهرةٍ يعولُ عليْها أهلُ العرفِ في إطلاقِ اسمِ الصُّوفيّ. قالَ: "والضابطُ الكلِّي أن كل من هو بصفة إذا نزلَ الخانقاه التي للصُّوفيَّةِ.

لَم يكنْ نزولُهُ فيها واختلاطُه بِهمْ منكرًا عندَهم، فهوَ داخلٌ في غِمارِهم" (٢)، وهذا الذي ذكرَهُ الغزالي لا يُناسِبُ تحقيقَهُ، لأنَّ كتاب الإحياءِ ليس موضوعًا للتحقيق على طريقَةِ الفقهِ، وأكثرُهُ أو كثيرٌ منهُ مبنيٌّ على كلام صوفي، وتصنيفُه في الفقه بعدَ ذلك، وقد أَحالَ في كتبِهِ الفقهية على أشياءَ ذكرَها في الإحياء، فقوله، أنه يُعدّ منكرًا عندَهُم، والكلامُ في أنّ الصوفيّ منْ هُوَ حتّى إذا عرفْنَاه اعتبرنَا إنكاره، وهوَ لم يبيّنْهُ قبلُ، وأحالَ عليهِ، فهوَ عجيبٌ منهُ".

قالَ: "وأمّا من حيثُ التفصيلُ فيُلاحظُ فيه خمسُ صفاتٍ: الصلاحُ والفقرُ وزيُّ الصوفيَّةِ، وأنْ لَا يكونَ مشتغِلًا بحرقَةٍ، وأنْ يكونَ مخالِطًا لهم بطريقِ المساكنَةِ في الخانقاه" (٣).

قال: "ثم بعضُ هذهِ الصفاتِ مِنْها (٤) يوجِبُ زوالُها زوالَ الاسمِ، ومنها ما ينجبرُ بعضُه بالبعضِ، فالفسقُ يمنعُ الاستحقاقَ، فإنَّ الصوفي في


= السيوطي: حسن المحاضرة، ١/ ٣٥٨، ابن العماد: الحنبلي: شذرات، ٦/ ٢٨.
(١) الغزالي: هو محمد بن محمد، أبو حامد (ت ٥٠٥ هـ)، فيلسوف، متصوف، معروف، والإحياء هو كتاب إحياء علوم الدين، انظر، ابن العماد الحنبلي: ٤/ ١٠ - ١٣، الأشعري: تبيين: ٢٩١ - ٣٠٦، الصفدي: الوافي بالوفيات، ٤/ ١٠١ - ١٨٢، الحسيني: طبقات الشافعية، ١٩٢.
(٢) وردت في إحياء علوم الدين، ٢/ ١٥٣.
(٣) المرجع السابق نفس الصفحة.
(٤) في الإحياء "مما يوجب".

<<  <   >  >>