للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا المُخالَطَةُ والمُساكَنَةُ فَلَهُ أثرٌ، ولكنْ منَ لَا يُخالِطهم وهوَ في دارِهِ أو في مسجدٍ وَهَو على زيِّهم ومتخلِّقٌ بأخلاقِهِمْ فهوَ شَريكٌ لهُمْ فِي الاستحقاقِ، وكانَ تركُ المخالطةِ يجبرُهُ (مُلازَمَةَ) (١) الزيّ، فإنْ لمْ يَكُنْ على زَيِّهم، ووُجِدَتْ بقيةُ الصِّفْات فَلَا يستحِقُّ إِلَّا أن يكون يُساكِنُهُم في الرُّبط فينسحبُ عليهِ حكمُهُم بالتَّبَعِيَّةِ.

قال: وأما لبس المرقَّعِ منْ يدِ شيخٍ منْ مَشَايِخِهمْ فليسَ شرطًا في الاستحقاقِ وعدمهِ لَا يضرُّ مع وجود بقيَّةِ الشرائط المذكُورة.

والسهروردي (٢) أيضًا قال: الغزالي جعل لبس الخرقَةِ من شيخٍ وعدمِهِ سيَّان ثمَّ قالَ الغزالي: وأما المتأَهِّلُ المتَردّدُ بين الرباطِ والمسكنِ فَلا يخرجُ عن جُملَتِهم (٣).

قال: وللفقيه أن ينزلَ عندَهُم إذا كان على زيِّهم وأخلاقهِمْ، وليسَ الجهلُ شرطًا في التَّصوُّفِ عندَ مَنْ يعرِفُ التَّصوُّفَ.

قال: ولا يُلتَفَتُ إلى خُرافاتِ بعضِ الحمْقى، إنَّ العلمَ حجابٌ، فالجَهلُ هوَ الحِجابُ" (٤).

-هذا تمامُ كلامِ الغَزَالِيّ-.


(١) الإضافة من الإحياء، ٢/ ١٥٣.
(٢) هو عبد القاهر بن عبد اللَّه بن محمد البكري الصدّيقي، أبو النجيب السهروردي (ت ٥٦٣ هـ)، فقيه شافعي، واعظ، متصوّف، سكن بغداد وبنيت له عدة ربط فيها، وتوفي بغداد، له آداب المريدين، عوارف المعارف، انظر ابن خلكان: وفيات الأعيان، ١/ ٢٩٤، السبكي: طبقات الشافعية، ٤/ ٣٥٦، الشعراني: طبقات، ١/ ١٤٠، حاجي خليفة: كشف الظنون، ١/ ٤٣، الذهبي: العبر، ٤/ ١٨١، ابن العماد الحنبلي: الشذرات، ٤/ ٢٠٨.
(٣) انظر إحياء علوم الدِّين، ٣/ ١٥٤.
(٤) المرجع السابق، الصفحة نفسها.

<<  <   >  >>