فإن أردنا أن ننتج سالبا كليا فإن ذلك يتفق بأحد وجهين إما أن ننظر في لواحق موضوع المطلوب وفيما لا يمكن أن يكون موضوعا لمحمول المطلوب فإن ألفينا لاحق موضوع المطلوب هو بعينه الموضوع الذي لا يمكن أن يوضع للمحمول، أنتج لنا ذلك في الشكل الأول أن محمول المطلوب ليس يمكن أن يوجد في شيء من موضوع المطلوب. مثال ذلك أن يكون مطلوبنا هل النفس غير مائتة، فنجد المتحرك من تلقائه لاحقا من لواحق موضوع هذا المطلوب- وهو بعينه الموضوع الذي لا يمكن أن يوجد فيه محمول هذا المطلوب- فيأتلف القياس هكذا: كل نفس متحركة من ذاتها ولا شيء متحرك من ذاته مائت، ينتج عن ذلك أن كل نفس غير مائتة. والوجه الثاني أن ننظر في لواحق الحد المحمول، فإن ألفينا فيها ما هو مسلوب عن الموضوع أنتج لنا عن ذلك في الشكل الثاني أن المحمول مسلوب عن جميع الموضوع. مثال ذلك أن يكون مطلوبنا هل الخلاء أحد الموجودات الطبيعية، فنجد الموجود المحسوس موجبا للموجودات الطبيعية ومسلوبا عن الخلاء فيأتلف القياس هكذا: الخلاء ليس بمحسوس والموجودات الطبيعية محسوسة، النتيجة فالخلاء ليس واحدا من الموجودات الطبيعية.
فإن أردنا أن ننتج سالبة جزئية فإن ذلك يتفق على وجوه ثلاثة، إذ قد تبين أن هذا المطلوب ينتج في الأشكال الثلاثة. أحدها أن ننظر في لواحق الموضوع وفيما لا يمكن أن يكون في المحمول، فإن كان بعض اللواحق هو بعينه ما لا يمكن أن يكون في المحمول فإنه ينتج في الشكل الثاني أن المحمول ليس في بعض الموضوع. مثال ذلك أن يكون مطلوبنا هل بعض الأنفس غير مائتة، فنجد بعض الأنفس يلحقها أن يكون فعلها جوهرها والمائت ليس فعله جوهره، فيأتلف القياس في الشكل الثاني هكذا: بعض الأنفس فعله جوهره وكل مائت ليس فعله جوهره، فيرجع إلى الشكل الأول بعكس السالبة فينتج فيه أن بعض الأنفس غير مائتة وقد يبين ذلك في الشكل الثالث بأن نأخذ موضوعات موضوع المطلوب والأشياء التي يسلب عنها المحمول. فإن وجدنا من هذه شيئا هو واحد بعينه، أنتج لنا في الشكل الثالث أن المحمول مسلوب عن بعض الموضوع. وقد يتفق هذا في الشكل الأول بأن نجد لواحق الموضوع هي بعينها ما لا يمكن أن يوجد فيها المحمول، إلا أنه ينتج هذا المطلوب بمقدمات كلية في الشكل الثالث فقط.
وقد كانت الوصية هاهنا أن نتخير المقدمات الكلية. وينبغي أن نختار من اللواحق للطرفين والموضوعات لها ما هو أكثر عموما وأكثر كلية، لأنه إذا وجد القياس من أمثال هذه المقدمات فقد وجد القياس مما هو أقل عموما منها إذ هو منطو فيها، وإذا لم يوجد القياس مما هو أكثر عموما فقد يمكن أن يوجد مما هو أقل عموما وقد بمكن أن لا يوجد. مثال ذلك أنه إذا وجدنا القياس على أن الإنسان مركب من الأضداد من جهة أنه متغذ فقد وجدنا القياس على ذلك من جهة أنه حساس إذ كان الحساس أخص من المتغذي ومنطويا فيه، ومتى وجدنا الأضداد في المتغذي فقد وجدناه في الحساس، ومتى وجدنا المتغذي في الحساس فقد وجدنا المتغذي في الإنسان، فإذن متى وجدنا الأضداد في الإنسان بتوسط المتغذي فقد وجدناها فيه بتوسط الحساس. وإن لم نجد القياس على ذلك من جهة أنه متغذ فقد يمكن أن نجد القياس على ذلك من جهة أنه حساس وقد يمكن أن لا نجد.
وهو بين أن هذا النظر ليس يتجاوز أن يكون بمقدمتين وثلاثة حدود- على ما تبين من أمر القياس- وأنه لا يكون قياس إلا في اشكال الثلاثة التي ذكرت ومن هذه في المنتجة منها.
ولذلك ما ينبغي أن يتجنب في اكتساب المقدمات وأخذ اللواحق والموضوعات ما يأتلف منه شكل غير منتج- مثل أنه ليس ينبغي أن نأخذ اللاحق للطرفين إذا كانا أمرا واحدا بعينه لأنه يكون من ذلك موجبتان في الشكل الثاني وقد تبين أنه غير منتج. وكذلك لا ينبغي أن نأخذ ما هو مسلوب عن الطرفين، لأنه قد تبين أنه لا ينتج من سالبتين. وكذلك إذا كان موضوع محمول المطلوب وما يسلب عن موضوع المطلوب شيئا واحدا فليس ينبغي أن نأخذه لأنه تكون المقدمة الصغرى سالبة في الشكل الأول، وقد تبين أن ذلك غير منتج.