للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوجدوا البلاء والأذى على المسلمين الذين بمكة. فبقوا صابرين على الأذى إلى أن هاجروا إلى المدينة. حاشا السكران بن عمرو، فإنه مات بمكة قبل أن يهاجر، فتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته سودة بنت زمعة؛ وحاشا سلمة بنت هشام، فإنه حبسه عمه وأخوه حتى ذهبت بدر وأحد والخندق؛ وحاشا عياش بن أبى ربيعة، فإنه هاجر إلى المدينة، فاتبعه أبو جهل والحارث ابن هشام، وهما ابنا عمه وأخواه لأمه، فذكراه سوء حال أمه، فرقت نفسه، فرجع، فثقفوه «١» إلى أن مضت بدر وأحد والخندق، فهاجر حينئذ هو وسلمة بن هشام، والوليد بن الوليد بن المغيرة؛ وحاشا عبد الله ابن سهيل بن عمرو، فإنه حبس إلى أن خرج مع الكفار يوم بدر، فهرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ووافق بعد نقض الصحيفة أن ماتت خديجة وأبو طالب، فأقدم عليه سفهاء قريش، فخرج إلى الطائف يدعو إلى الإسلام فلم يجيبوه «٢» ، فانصرف إلى مكة فى جوار المطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف، وجعل يدعو إلى الله عز وجل.

وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسى، ودعا قومه، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية، فجعل الله تعالى فى وجهه نورا، فقال: يا رسول الله، إنى أخشى أن يقولوا هذه مثلة، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصار ذلك النور


(١) ثقفوه: قدروا عليه وحبسوه عندهم.
(٢) فى رحلته هذه إلى الطائف اشتد الإيذاء به صلى الله عليه وسلم قال فى حديثه المشهور: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتى، وقلة حيلتى، وهو انى على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى، إلى من تكلنى؟ إلى بعيد يتجهمنى، أم إلى عدو ملكته أمرى؟ إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى، ولكن عافيتك هى أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بى غضبك، أو يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك» .

<<  <   >  >>