ثم رجع مصعب بن عمير إلى مكة، وخرج فى الموسم جماعة كثيرة ممن أسلم من الأنصار، يريدون لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى جملة قوم كفار منهم بعد على دين قومهم، ومن دين قومهم الحج على ما كانت العرب عليه حالتئذ، فوفوا مكة، وكان فى جملتهم البراء بن معرور، فرأى أن يستقبل الكعبة فى الصلاة، وكانت القبلة إلى بيت المقدس، فصلى كذلك طول طريقه، فلما قدم مكة ندم، فاستفتى النبى صلى الله عليه وسلم، فأنكر ذلك عليه، فراجع الحق رحمه الله تعالى. فواعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق. فلما كانت تلك الليلة دعا كعب بن مالك ورجال من بنى سلمة عبد الله بن عمرو بن حرام، وكان سيدا فيهم، إلى الإسلام، ولم يكن أسلم بعد، فأسلم تلك الليلة وبايع، وكان ذلك سرا ممن حضر من كفار قومهم، فخرجوا فى ثلث الليل الأول متسللين من رحالهم إلى العقبة.
[العقبة الثانية]
فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأزررهم، وأن يرحل هو إليهم وأصحابه، وحضر العقبة تلك الليلة العباس بن عبد المطلب متوثقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس على دين قومه بعد لم يسلم؛ وكان للبراء بن معرور فى تلك الليلة المقام المحمود فى الإخلاص لله تعالى والتوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولحقه أبو الهيثم بن تيهان، والعباس بن عبادة بن نضلة. وكان المبايعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ثلاثة وسبعين وامرأتين. واحتار رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنى عشر نقيبا، وهم:
أسعد بن زرارة، وقد ذكرناه قبل من الستة ومن الاثنى عشر.