الأنصار أحد، فنهض حتى بلغ أحياء، وهو ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة، فلقى بها جمعا عظيما من قريش، قيل: إنه كان عليهم عكرمة بن أبى جهل، وقيل: بل كان عليهم مكرز بن حفص بن الأخيف. فلم يكن بينهم قتال، إلا أن سعد بن أبى وقاص، وكان فى ذلك البعث، رمى بسهم؛ فهو أول سهم رمى به فى سبيل الله تعالى. وفر من الكفار يومئذ إلى المسلمين: المقداد ابن عمرو، وعتبة بن غزوان، وهو الذى بنى البصرة بعد ذلك، وكان قديمى الإسلام، إلا أنهما لم يجدا السبيل إلى اللحاق بالنبى صلى الله عليه وسلم.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا حمزة عمه حينئذ فى ثلاثين راكبا من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، إلى سيف البحر من ناحية العيص، فلقى أبا جهل فى ثلاثمائة راكب من كفار قريش، أهل مكة، فحجز بينهم مجدى بن عمرو الجهنى، وكان موادعا للفريقين، فلم يكن بينهم قتال.
وكان بعث حمزة وبعث عبيدة متقاربين، واختلف فى أيهما أسبق، قيل: إلا أنها أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين.
[غزوة بواط]
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ربيع الآخر المؤرخ، وهو صدر العام الثانى من مقدمه صلى الله عليه وسلم بالمدينة، واستعمل على المدينة السائب بن مظعون، حتى بلغ بواط من ناحية رضوى، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق كيدا ولا حربا.