فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية ربيع الآخر، وبعض جمادى الأولى، ثم خرج غازيا، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومى، وأخذ على نقب بنى دينار بن النجار، وأخذ على فيفاء الخبار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر، فثم له مسجد، وموضع أثافى طعامه معلوم هنالك، وبها ماء يقال له: المشيرب، ثم ترك الخلائق بيساره، وسلك شعب عبد الله إلى اليسار حتى هبط يليل، فنزل بمجتمع يليل والضبوعة، ثم سلك فرش ملل حتى لقى الطريق بصخرات اليمام إلى العشيرة من بطن ينبع، فأقام هنالك باقى جمادى الأولى، وليالى من جمادى الآخرة، ووادع فيها بنى مدلج، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق حربا.
[غزوة بدر الأولى]
فلم يقم النبى صلى الله عليه وسلم بعد العشيرة إلا نحو عشر ليال، حتى أغار كرز بن جابر الفهرى على سرح المدينة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طلبه، حتى بلغ واديا يقال له: سفوان، فى ناحية بدر، ففاته كرز، فرجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
[بعث سعد بن أبى وقاص]
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث فى خلال هذه الغزوة سعد بن أبى وقاص فى ثمانية رهط من المهاجرين، فبلغ الخرار، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربا، وقيل: إنه إنما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طلب كرز بن جابر.