كلهم معه، فسلك على الحجاز، حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع- يقال له:
بحران- أضل سعد بن أبى وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كان يعتقبانه، ونفذ عبد الله فى سائرهم حتى ينزل بنخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة، فيها عمرو بن الحضرمى، واسم الحضرمى: عبد الله، وعثمان ابن عبد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل بن عبد الله المخزوميان، والحكم بن كيسان مولى بنى المغيرة.
فتشاور المسلمون وقالوا: نحن فى آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم. ثم اتفقوا على ملاقاتهم، فرمى عبد الله بن واقد التميمى عمرو بن الحضرمى فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل بن عبد الله، ثم قدموا بالعير والأسيرين، قد أخرجوا الخمس من ذلك فعزلوه، فذكر أنها أول غنيمة خمست. فأنكر النبى صلى الله عليه وسلم ما فعلوا فى الشهر الحرام، فسقط فى أيدى القوم، فأنزل الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ، قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ «١» الآية، إلى قوله: حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا. فقبض النبى صلى الله عليه وسلم الخمس، وقسم الغنيمة، وقبل الفداء فى الأسيرين: ورجع سعد وعتبة سالمين إلى المدينة.
وهذه أول غنيمة غنمت فى الإسلام، وأول أسيرين أسرا من المشركين، وأول قتيل قتل منهم.
وأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استشهد يوم بئر معونة.