للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد استعلى نبي الله على العاطفة ورضي بحكم الله، فلا لجاجة ولا التواء، ولا معذرة ولا تأويل، بل تسليم مطلق، واتباع لما يحب الله ويرضى، واعرض عما يكره ويبغض وولاء بمن يحب الله وبراء وعداء لمن حاد الله ولو كان أقرب قريب.

ولم يكن شأن نبي الله نوح عليه السلام هذا مقصوراً على هذا الابن الكافر، بل أيضاً مع زوجته، ويا له من امتحان عظيم في الزوجة والابن!

هذه الزوجة تحدث عنها القرآن وعن نظيرة لها وشبيهة بفعلها وهي زوجة لوط عليه السلام، فقد ابتلى هذان النبيان بزوجتين فاسدتين ذكرهما الله لنا مثلاً في كتابه العزيز فقال:

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ { [سورة التحريم: ١٠] .

على أن مما يجب التنويه عنه هنا – استطراداً – أن هذه الخيانة في الدين، وليست في الفاحشة، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء عليهم السلام.

أما امرأة نوح فكانت تفشي سره، إذا آمن معه أحد أخبرت الجبابرة من قومها، وامرأة لوط تخبر قومها بضيوف زوجها من أجل فعل السوء القبيح (١) .

وعلى النقيض من هذا الفعل المشين من هاتين المرأتين يضرب لنا القرآن مثلاً عالياً في الإيمان والاستعلاء على الكفار من قبل امرأة مؤمنة هي زوجة فرعون اللعين قال تعالى:

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ


(١) انظر تفسير ابن كثير (٨/١٩٨)

<<  <   >  >>